«معرض الفن العربي».. بين الجنون والأمل
مساحة من الألوان أنشأها «معرض الفن العربي» في بيروت بين 2 و5 تشرين الثاني/نوفمبر. يأخذ المدينة في رحلة إبداعية، بعيداً عن الخوف والقلق اليومي من حرب وشيكة، في ظل التطورات الدموية في قطاع غزة وجنوب لبنان. المعرض هو مكان استراحة للأشخاص المسالمين الذين لا يحملون سوى الريشة كسلاح ويستهدفون فقط السبورة البيضاء.
ولا ينكر مؤسس ومدير المعرض فرحات فرحات أن استمرار النشاط هو نفسه “الجنون”، لكنه قرر رفع شعار “لا للتشاؤم”، فيما سيكون الشعار الرسمي للمعرض هذا العام. “آمنوا بلبنان وأن الحياة يجب أن تستمر”.
“الفن للجميع”
وقال فرحات في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن معرض «معرض الفن العربي» في نسخته الثالثة لا يقتصر على الرسم، بل يشمل فنون النحت والتصوير والخط العربي والرقمي وفن التركيب أو التركيب. . يحرر.
ويشارك في المعرض الذي يقام في فندق كورال بيتش في بيروت أكثر من 35 عارضا من مصر والعراق وقطر وسوريا ولبنان، فيما لم يتمكن 7 فنانين من غزة كان من المفترض أن يشاركوا في الحدث الفني الموسع. الحضور ولكن بسبب الحرب لم يتمكنوا من الحضور.
ويأمل فرحات أن تتوسع دائرة الفنانين المشاركين لتشمل كافة الدول العربية خلال السنوات المقبلة. وفي غضون ذلك، يحافظ المعرض على هدفه الرئيسي وهو “الفن للجميع”. ويوضح المؤسس أن الفكرة انطلقت عام 2019 انطلاقاً من مبدأ أن «الفن لا يقتصر على طبقة اجتماعية معينة، ولا يقتصر على الأشخاص القادرين مادياً على اقتناء الأعمال الفنية».
ومن هذا المنطلق، يفتح «معرض الفن العربي» أبوابه للجميع، كباراً وصغاراً، من دون رسوم دخول، على عكس ما هو متعارف عليه في المعارض الفنية حول العالم. يريد المنظمون أيضًا التأكد من أن أسعار الأعمال الفنية مقبولة، حتى يتمكن أولئك الذين لا يفكرون في الأمر عادة… شراء لوحة أو منحوتة، هو ما يفعله. ومع ذلك، فإن هذه الأسعار المدروسة لا تعني أن الابتكارات دون المستوى المطلوب.
وفي هذا السياق، يوضح فرحات أن هناك «لجنة متخصصة تختار الأعمال التي يمكن أن تشارك في المعرض، على أن تكون جميعها جديدة ولم تعرض من قبل». ويؤكد أن كل ما يظهر يدخل في خانة الاحتراف سواء كان اسم الفنان معروفا أو من الجيل الناشئ. مع العلم أن اللجنة تحرص على اختيار الفنانين المستحقين وذوي المواهب الاستثنائية فقط لعرض ابتكاراتهم.
البعد التربوي والتعليمي
الرسالة الثانية التي ينقلها المعرض هي رسالة تعليمية بشكل بارز. فقاعات المعرض مفتوحة لطلاب المدارس والجامعات. وبما أن الجهة المنظمة هي مؤسسة التعليم التي تخصصت في القضايا والمعارض والمنتديات التعليمية منذ عام 2014، فقد كان أحد أهدافها الرئيسية هو تقريب الفن من الطلاب بهدف تثقيفهم. ويشير فرحات إلى أن “الدعوات ترسل لطلبة المدارس والجامعات للزيارة، ليس من الناحية التجارية، بل من الناحية التعليمية”.
وإلى جانب اللوحات التي تتنوع بين المعاصرة والكلاسيكية، وغيرها من المعارض الفنية، يضم معرض الفن العربي مجموعة من ورش العمل والندوات التي يشارك فيها متخصصون. أما ندوات هذه النسخة من المعرض فهي أربع. الأول يدور حول العلاقة بين الفن والإعلام ويطرح السؤال: “أين الإعلام العربي من الثقافة والفن؟” ويتواجد الصحفيون في الندوة ويناقشونها في المساحة المخصصة لهم والمخصصة للأمور الثقافية والفنية من قبل وسائل الإعلام التي يعملون فيها.
وتركز الندوة الثانية على جمع واقتناء الأعمال الفنية (“المجموعة الفنية”)، وتحاول اكتشاف الأسباب الكامنة وراء هذه الهواية التي غالباً ما تتحول إلى شغف. وسيتحدث ضيوف الندوة أيضًا عن تجاربهم الخاصة في الاستثمار في الفن خلال فترات الأزمات المالية.
أما الندوة الثالثة فستتحدث عن الارتباط الوثيق بين الفن والتعليم ودور الفن في تنمية مهارات الطلاب. أما الندوة الرابعة فتتحدث عن فن الأيقونات.
بين الألغام وضد التيار
منذ انطلاقته عام 2019، سار «معرض الفن العربي» بين المناجم، محاطاً بجائحة كورونا، ثم الانهيار الاقتصادي في لبنان وتفجيرات مرفأ بيروت، وحالياً رافقته التوترات الأمنية الراهنة، ليجد أخيراً أنها تمشي ، وهذه المرة ضد التيار. ويقول القيمون على المعرض: «في هذا الشرق هناك خياران: الاستسلام أو المواجهة. وفي معرض الفن العربي قررنا أن نواجه الفن والثقافة والإبداع لتستمر الحياة”.
ولكن من قد يفكر في شراء الأعمال الفنية في مثل هذه الظروف؟ سؤال واضح للمنظمين، والإجابة تأتي من فرحات: «في فترات الأزمات، الاستثمار في الفن فكرة ذكية جداً.. من يشتري لوحة فنية فهو كمن يشتري ذهباً أو سجادة باهظة الثمن. وبحسب الدراسات فإن المشتريات تزداد في أوقات الأزمات. يوضح فرحات: «معرض الفن العربي يقدم للمشتري عمولة ويضمن أيضًا أن يكون العمل أصليًا».
أما بالنسبة للفنانين الذين يعرضون بشكل مستقل، فيمثل المعرض فرصة لهم لبناء علاقات مع أصحاب المعارض وجامعي الأعمال الفنية، مما يفتح أمامهم العديد من الفرص.
مديرة «معرض الفن العربي» لا تريد سوى النظر إلى جانب الأمل، قائلة إنه «على الرغم من الأزمات المتلاحقة في لبنان، لا يزال هناك عدد كبير من دور الفن النشطة، ناهيك عن عدد لا يحصى من خبراء الفن. وهذا يكفي حتى لا يخيب الأمل”.
source : aawsat.com
Leave a Comment